اسطوره من اساطير مانشيستر

المقدمة

انه
ذلك الأب الروحي وأحد رموز مانشستر الخالدة وقد كان وما يزال الشخصية
الأبرز في تاريخ هذا النادي العريق الذي تأسس قبل حوالي 128 عاما بعد ان
نهض به من بين أنقاض طائرة ميونيخ إلى واحد من أشهر الفرق في كل أصقاع
المعمورة ورغم مرور حوالي عقد من الزمن على رحيل هذه الأسطورة فإنه لم
يغادر ذاكرة عشاق الشياطين حيث تتناقل ألسنتهم على الدوام فصولا من مسيرة
هذا المدرب العظيم إنه الأسطورة مات با**ي.
امتلك با**ي " الكاريزما "
التي جعلت الآخرين يهابونه ويقدرونه من دون أن يمتلك الغرور رأسه وعرف عن
با**ي اهتمامه بالملابس والتأنق في شكل يضاهي مديري المصارف إذ تميز
بارتداء المعطف الطويل وتدخين الغليون منذ أن كان لاعبا في صفوف الريدز
وخلال 23 سنة قضاها في رحاب المانشستر.
كان با**ي كبيرا في كل شيء في
تواضعه وجرأته وحزمه واحترامه للآخرين وعرف دوما التعامل مع الانكسارات
والهزائم والانتصارات بالطريقة نفسها وكان يمتلك القدرة على جعل لاعبيه
يرجون للميدان ليظهروا ما في جعبتهم من فنون الكرة المنسجمة والمتناغمة
تاركا لهم حرية التحرك في الميدان كما يشاءون لاقتناعه بان هذه الطريقة هي
المثلى لتقديم كرة قدم هجومية خالية من الرتابة وكان تكتيكه يقضي بأن
يتحول جميع لاعبيه للهجوم عندما تكون الكرة بين أقدامهم وأن يتحولوا إلى
الدفاع عندما يخسرونها وهي الطريقة التي اشتهرت بها الكرة الهولندية في
السبعينيات من خلال نادي أياكس وسميت بالكرة الشاملة.

با**ي الإنسان واللاعب

د
مات با**ي في 26 مايو من عام 1909 في أحد قرى اسكتلندا الفقيرة التي كان
سكانها يعملون في مناجم الفحم ولم تكن عائلته لتشذ عن القاعدة فوجد با**ي
في الكرة المتنفس الوحيد للهرب من صعوبة العيش وشقائه فكان يزاولها مع
أصدقائه الذين اتلف عنهم قليلا بأنه كان يتردد إلى نادي أوربيستون ليقضي
بعض الوقت في ترتيب ملابس وتنظيف أحذية اللاعبين الكبار مثل جيمي ماكمولن
وغالغر وغيرهما واعتبر نادي أوربيستون بمثابة المدرسة التي تخرج منها
با**ي الذي كان مولعا بالكرة إلى حد الجنون.

في
سن السابعة عشرة بدأ با**ي حياته الاحترافية مع كرة القدم من مدينة
مانشستر حيث دافع عن ألوان نادي مانشستر سيتي في اكثر من 200 مباراة وأحرز
معه كاس الإتحاد الإنكليزي عام 1934 على حساب بورتسموث .
وفي فبراير
عام 1936 انتقل با**ي إلى صفوف ليفربول حيث شكل مع الثنائي توم برادشو
وجيمي ماكدوغال ثلاثيا قويا مرهوب الجانب وخاض مع الريدز 129 مباراة قبل
أن يتوقف النشاط قسريا بسبب الحرب العالمية الثانية وخلال تلك الفترة
ارتدى با**ي فانيلة المنتخب مرة واحدة وزاد عليها 11 مرة فيما بعد.

با**ي ونقطة التحول

في
أحد أيام شهر فبراير من عام 1945 في حين كان الدوري الإنجليزي متوقفا بسبب
الحرب العالمية الثانية تلقى با**ي عرضا من الشياطين الحمر لتدريبهم
واشترط با**ي لقبول العرض أن يكون هو صاحب القرار في اختيار اللاعبين
والتعاقدات دون تدخل من أحد وتمت عملية التعاقد مع با**ي حيث التقى برئيس
الشياطين آنذاك و تم الاتفاق على أدق التفاصيل وكانت هذه الصفقة بمثابة
المغامرة بالنسبة لمانشستر إذ كان با**ي في ذلك الوقت لم يبلغ من العمر
بعد السادسة والثلاثين.
وفي عام 1947 عاود الدوري الإنجليزي نشاطه
ليحتل مانشستر بقيادة با**ي المركز الثالث رغم انه سجل أكبر عدد من
الأهداف( 95 هدف) حيث كان يهتم با**ي بالنواحي الهجومية المغاير للأسلوب
البريطاني القديم المعروف ب " اركل واركض " وفي العام التالي قاد با**ي
المانشستر لنهائي كأس إنجلترا وحقق فوزا مفاجئا على نادي بلاكبول الذي كان
يضم الأسطورة ستانلي ماتيوز بأربعة أهداف لهدفين وكان هذا اللقب الأول

وقد
أثبت با**ي خلال مسيرته انه من كبار المدربين وقام بتوزيع كشافي المواهب
في بريطانيا للبحث عن نجوم شابة فكان اللاعب الأيرلندي جاك بلانشغلاور
(18عام) أول
الحصاد بالإضافة للاعب روجر بيرن ( 21 عاما ) وقد اضطر
با**ي أن يشرك هذان الشابان في مباراة مانشستر أمام ليفربول نتيجة إصابة
عدد من أساسي الفريق حيث قدما أداء جيدا وأطلقت الصحافة عليهما لقب أطفال
با**ي ثم قام با**ي بالتعاقد مع دنكان ادوارز ( 16 عام ) الذي اعترف جميع
من شاهده انه أفضل جناح في إنكلترا
وقد انضم اللاعب لتشكيلة المنتخب الإنكليزي بعمر التاسعة عشر فقط .
في
عام 1952 توج مانشستر يونايتد بطلا للدوري منذ 41 عام وكرر ذلك بعد أربع
سنوات مما أهل النادي للمشاركة في دوري أبطال أوروبا التي كانت قد انطلقت
قبل عام لكن طموحات با**ي ومانشستر الأوروبية أوقفها الإتحاد الإنكليزي
الذي منع الأندية من المشاركة في هذه البطولة لعدم الإخلال بجدول
المباريات المحلية إلا أن با**ي أبدر رغبته الشديدة في إبراز قوة فريقه
أوروبيا خصوصا لنادي ريال مدريد الذي كان يضم حينها نخبة من النجوم أمثال
دي ستيفانو والراحل بوشكاش وبالفعل حقق مانشستر نتائج لافتة في تلك
البطولة منها الفوز على أندرلخت البلجيكي بعشرة أهداف قبل أن تتوقف مسيرة
المان الناجحة من قبل العملاق الإسباني الريال في الدور نصف النهائي حيث
فاز الريال 3/1 ذهابا وتعادلا بهدف

ميونخ وفاجعة الطائرة

حينما
بدأ مانشستر يونايتد بقيادة با**ي يثبت علو كعبه أوروبيا كان على موعد مع
فاجعة قضت على معظم لاعبيه ففي يوم السادس من فبراير من عام 1958 وبعد
انتهاء مباراة المانشستر مع النجم الأحمر اليوغسلافي والتي أقيمت في
بلغراد اضطرت الطائرة التي كانت تقل الفريق إلى التوقف في مطار ميونيخ
للتزود بالوقود وسط عاصفة ثلجية شديدة القوة وعندما همت الطائرة بالإقلاع
أصاب خلل أحد محركاتها وفقد ربانها السيطرة عليها فابتعدت عن المدرج
واصطدمت بأحد المنازل مما أسفر عن مقتل 22 راكبا من أصل 44 بينهم ثمانية
لاعبين من المانشستر وهم : روجر بيرن ومارك جونز وتومي تايلور ودنكان
ادوارز ووليام ويلان وجيوفري بينت وديفيد بيغ وإدي كولمان في حين نجا
با**ي من براثن الموت بأعجوبة إلى جانب كل من اللاعبين هاري جرثغ وبوبي
شارلتون وجاكي بلانشغلاور وجوني بيري لكن اللاعبين الأخيرين تعرضا لإصابات
جسيمة قضت على مستقبلهما الرياضي تماما و كانت هذه الحادثة لتؤثر على الكل
ما عدا با**ي الذي دخل في غيبوبة استمرت لشهرين أكد من خلالها رغبته في
البقاء وفيما بعد استرد شيئا من العافية وضمد جراح المان ليستطيع قيادته
بما يشبه المعجزة لنهائي الكأس أمام بولتون حيث خسر بهدفين.

با**ي و نهاية المشوار

كان
لا بد من أن يقوم با**ي ببناء تشكيلة تضاهي سابقتها وهنا ظهرت حنكة ومهارة
با**ي في اقتناء اللاعبين حيث جلب دينيس لو من تورينو الإيطالي وألحقه
بالأيرلندي الراحل جورج بيست ( 17 عاما حينها) مبرهنا في ذلك أنه يمتلك
الخبرة في التعاقد مع المواهب الشابة وقد أسفرت حنكة با**ي عن الفوز
بالدوري لمرتين عامي 1965 و 1967 ليعود المانشستر بعدها إلى الساحة
الأوروبية من جديد وقدم عروضا رائعة توجها بالفوز بالبطولة على بنفيكا
البرتغالي في ملعب ويمبلي بأربعة أهداف لهدف وكان بنفيكا حينها يضم الفهد
الموزمبيقي أوزيبيو ليحقق با**ي وأطفاله حلما كان يراودهم منذ زمن بعيد.
وأثر
با**ي الذي حصل على لقب "سير" في أعقاب ميونيخ وحادثتها أن يعتزل وهو في
قمة المجد والعطاء وراح الجميع يتسألون عمن يستطيع أن يخلف با**ي الأسطورة.

إحصائيات عن با**ي :
بقي مع المان 23 سنة حقق فيها العديد من الألقاب.
فاز بالدوري خمس مرات أعوام ( 52 و 56 و 57 و 65 و و67 ).
فاز بكأس الإتحاد الإنكليزي مرتين أعوام ( 65 و 67 )
حقق دوري أبطال أوروبا مرة واحدة عام 68 .
من أتى بعد الأسطورة من مدربين هم:
وولف
ماكفينس و فرانك أوفاريل وتومي دوكيرتي ورون اننستون وجميع هؤلاء لم
يستطيعوا قيادة الشياطين للفوز بالدوري إلى أن تمكن السير اليكس فيرغسون
من تحقق ذلك سنة 1993 بعد انتظار دام 26 عام ولعل با**ي كان الأكثر فرحا
بهذا الإنجاز إذ رحل مرتاحا في 20 يناير من عام 1994 بعد أن وجد في
فيرغسون من يستطيع أن يعيد للمان عظمته وانجازاته ليسطر با**ي مع رحيله
العديد ن الانجازات ليسطر با**ي مع رحيله العديد من الانجازات والالقاب